لم تكترث سلطة القضاء بالمغرب الى تحذيرات التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد ومنتسبيها من خطورة اصدار الحكم ضد الاساتذة الذين اعتقلوا على خلفية وقفات سلمية، و أصدرت أحكاما ضد هؤلاء، مما ينذر بانتفاضة في الوسط التعليمي بالمملكة، تشكل الاضرابات أولى مراحلها.
و على اثر صدور الاحكام ضد الاساتذة المتعاقدين أول أمس الخميس, قررت التنسيقية سالفة الذكر الاستمرار في الاضراب لغاية يوم الاحد, مع الابقاء على الباب مفتوحا أمام أشكال نضالية أخرى, تضامنا مع زملاء المهنة وتنديدا بالوضع الحقوقي بالمغرب, و أيضا من أجل التأكيد على التشبث بمطالبها وعلى رأسها الإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية.
كما قررت عقد مجلس وطني استثنائي اليوم, للنظر في القرارات التصعيدية ضد هذه الأحكام, وسط تخوفات من مزيد من الاحتقان وانعكاس ذلك على سير الموسم الدراسي. و أكدت التنسيقية أنها “تتشبث ببراءة جميع الأستاذات والأساتذة المتابعين لأنهم دافعوا عن إدماجهم في الوظيفة العمومية و إسقاط مخطط التعاقد”.
و للتعبير عن رفضها للأحكام الصادرة بحق الاساتذة, التي وصفتها ب”الجائرة والقاسية”, خاضت الفروع الجهوية والإقليمية التابعة للجامعة الوطنية للتعليم (التوجه الديمقراطي) والجامعة الوطنية لموظفي التعليم والنقابة الوطنية للتعليم, اضرابات عن العمل أمس الجمعة.
و في اطار هذا الاحتقان دائما, أصدرت الجامعة المغربية لموظفي التعليم, بيانا اعربت فيه عن رفضها لتجريم الحق في الاحتجاج والتعاطي مع الاشكال النضالية بمنطق المحاكمات والمتابعات القضائية, معتبرة الاخيرة والمحاكمات القاسية في حق مكوني الأجيال, “فتيلا يزيد الوضع احتقانا وتأججا”.
و أكدت النقابة دعمها للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد في معركتهم النضالية حتى الانصاف.
و على الصعيد الحزبي, انتقدت نبيلة منيب, الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد, في البودكاست الأسبوعي الذي يعرض على صفحة حزبها الرسمية بفايسبوك, “القمع الشرس لتنسيقية الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد”, مؤكدة أن مشاهدة تعنيفهم غير مقبولة في المغرب في القرن ال21.
و قالت منيب أن مطالب الأساتذة المتعاقدين “واضحة وعادلة”, و “هم على وعي بأننا نعيش في بلاد متخلفة وتابعة, وطوق نجاتنا هو إصلاح التعليم العمومي, ليكون موحدا ومجانيا وذو جودة عالية”, متسائلة “كيف يعقل أن تواجه الدولة الأساتذة بالسلطوية والقمع الشرس, في حين أنه يجب أن تجلس معهم وتجد حلولا للنهوض بالمدرسة العمومية بكل أسلاكها”.
من جانبها, استنكرت منظمة العفو الدولية “أمنيستي”, الأحكام الصادرة في حق الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد, والذين اعتقلوا خلال احتجاجات أبريل 2021 للمطالبة بإدماجهم في أسلاك الوظيفة العمومية.
و قالت آمنة القلالي, نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية, في هذا السياق, إنه “لأمر مشين أن يواجه هؤلاء المعلمون, المقاضاة والسجن, لمجرد التعبير عن مطالبهم المشروعة بتحسين ظروف العمل وحقوق التوظيف”, مطالبة السلطات المغربية ب”وقف حملتها القمعية التي تشنها على مظاهرات المعلمين السلمية و ان تسقط التهم الموجهة الى المتظاهرين”.
و في وقت سابق, قضت المحكمة الابتدائية بالرباط, بمعاقبة 44 من الأساتذة الذين ينتمون إلى التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد, بالسجن ل3 أشهر نافذة, فيما تمت إدانة أساتذة آخرين بغرامات و أحكام حبسية موقوفة التنفيذ.
و منذ 28 فبراير الماضي, يضرب الأساتذة عن العمل للتنديد بتعرض مسيرات نظموها في العاصمة الرباط إلى “القمع” وتوقيف عدد منهم. ويبلغ عدد الأساتذة المتعاقدين بالمغرب أكثر من 100 ألف, بحسب أرقام وزارة التربية.