النسخة الورقية
قصر موسى أق أمستان وسيدي مخمد أق عثمان أق الحاج أحمد البكري في طيّ النسيان
ما تزال العديد من المواقع والمعالم التاريخية والأثرية بأهقار، تعاني من الإهمال والنسيان شبه المبرمج أمام صمت الصامتين، ورغم قوانين الجمهورية والتعليمات الصارمة التي تؤكد على ضرورة إيلاء أهمية قصوى لها، خاصة أنها تشكل جزءا من ذاكرة الأمة وتشكل أيضا جزءا من تاريخها ورغم النداءات المتكررة من طرف المواطنين بضرورة إعادة الاعتبار لهما وترميمهما إلا أن “دار لقمان” تظل على حالها.
وحسب ما أكد الناشط الجمعوي السيد ملال عبد السلام ليومية “القائد نيوز”، أن قصر موسى أق أمستان بتمنراست وقصر سيدي مخمد أق عثمان بتاظروك يمثلان الهوية الحقيقية للتوارق ويعتبران من التراث لذا وجب على السلطات المختصة إدراك ما يمكن إدراكه بترميمهما.
قصر موسى “اق امستان” أحد معالم منطقة الاهقار
من بين تلك المعالم التاريخية التي طالتها أيادي الإهمال بعد تحولها على مدار سنوات إلى مكب للقمامة وتصدعت أغلب جدرانه، قصر أو صورو موسى أق أمستان، وهو قصر مطل على واد حي صورو حيث يعتبر ثروة تاريخية كبيرة تحطم جانب كبير منها و تعرض الباقي للإهمال و هو مثال لهندسة معمارية فريدة كما أنه شاهد على حضارة عريقة فهو لم يكن مخصصا لمسكن الأمنوكال فحسب و إنما لاستقبال الضيوف و ادارة اعمال المنطقة، أما المناطق المحيطة بالقصر فقد كانت تقطنها عائلات العلماء و قد كان هذا الأخير يمتد حتى جبال ادريان، أين كانت توجد أهم البساتين و الواحات، ويحتل القصر حيزا كبيرا محاطا بأسوار سميكة للحماية من الأخطار الخارجية بالإضافة الى الأخطار الطبيعية القاسية، أما عن المواد المستعملة في البناء فقد صرح دكتور استاذ محاضر بجامعة الحاج موسى أق أخموك وباحث في علم الأثار أنها من الآجر المصنوع من التراب أو الطين و التي يتجاوز سمكها 90 سم للحيطان الخارجية ومن 50 الى 60 سم للحيطان الداخلية وقد تم وضع الآجر على الطين اما السطح فكان من جذوع الشجر تعلوها طبقة من الطين يبلغ سمكها 20 الى 30 سم.
وأضاف المتحدث أن أساس البناء فمبني بحجر كبير، عندما تأتي الى القصر الى الجهة الشرقي تقابلك البوابة الرئيسة و هي على الأرجح المدخل الرئيسي للقصر و هي تأخذ شكل عمودان متقابلان يجمعهما الى الأعلى قوس وضع على نحو بالغ من الدقة و الجمالية وهو ما يترجم التواصل و التأثر الكبير بالحضارات العريقة بحضارة إموهاغ ومن خلال الملاحظات الأولية للقصر نرى انه ياخذ الطابع العسكري بسبب المكونات التي يحتويها فهو يحتوي على ابراج للمراقبة ، وياخذ شكل المستطيل ولم يتبقى من جدران القصر إلا الجدار الشرقي والجنوبي بسبب ما اتى على بقية جدرانه من تهاوي واندثار.
متى يُنفض الغبار عن قصر سيدي مخمد أق عثمان أق الحاج أحمد البكري بتاظروك؟
ونفس المصير يعاني منه القصر الأثري سيدي محمد أق عثمان أق الحاج أحمد البكري بتاظروك الذي يتواجد بمرتفعات الأهقار وبالتحديد ببلدية تاظروك الواقعة على بعد 300 كلم شرق ولاية تمنراست، وينسب تاريخ بناء القصر أو “صورو” إلى حفيد أمنوكال ناهقار الحاج أحمد البكري المدعو سيدي مخمد أق عثمان، بني بأمر من أمنوكال ناهقار موسى أق أمستان الذي أمر بضرورة بناء قصر لأمنوكال ان تاظروك سيدي محمد بن عثمان، في نفس فترة بناء قصر موسى أق أمستان بحي صوروا حاليا.
يعتبر القصر تراث ثقافي، ومعلم أثري تاريخي هام جدا في الهقار وله الدور الكبير في إبراز أهمية العلاقات التاريخية الإجتماعية والعلمية والفنية وأيضا في تجسيد علاقات…منها التبادلات الفكرية والعملية والتكافل بين سكان منطقة الأهقار والتيديكلت وكذا تجسيد وتطوير البناء العمراني الإسلامي في الصحراء، إذ تم بناؤه بسواعد مشتركة بين سكان منطقتي التيديكلت والهقار إبان الإحتلال الفرنسي للصحراء وفي الوقت الذي كان يبنى، قام سكان تاظروك ببناء مسجد مقابل له في الجهة الغربية.
والجدير بالذكر أن القصر ” صورو كان يستغل من طرف سكان المنطقة في مختلف التجمعات التشاورية في شتى المجالات، وأهمها الهادفة للقضاء على التواجد الإستعماري الفرنسي، ويعتبر أيضا ملجأ للإحتماء من غارات الأعداء ويحتل موقع سياحي إستراتيجي حيث يمكن رؤيته من بعيد، ومن طابقه العلوي يمكن رؤية القرية تاظروك وكل نواحي وضفاف وادي تاظولت المحاذية.
الأهالي : السلطات يجب عليها التدخل لترميم المعلمان التاريخيان والأثريان
يشهد قصر الأمنوكال الحاج موسى أق أمستان بتمنراست وقصر سيدي محمد أق غثمان أق الحاج أحمد البكري ببلدية تاظروك حاليا حالة من الإهتراء وذوبان تدريجي للتاريخ جراء العوامل الطبيعية المؤدية إلى حتمية إنهياره التام، والعوامل البشرية المتمثلة في التهاون التام من طرف الهيئات الوصية عليه، والنظر في أهمية رفع التجميد على مشروع ترميمهم، ويناشدون السلطات بضرورة التحرك وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
أحمد كرزيكة
