-بقلم الدكتورة سلطان منال-
قد لا نضيف جديدًا إذا قلنا إن نجاح الحياة الزوجية يتطلب قدرًا من التفاهم والتسامح والتجاوز عن الهفوات، والتغاضي عن الزلات والتعالي على الأنانية والعناد وتصيد الأخطاء.
فكل الأزواج والمقبلين على الزواج يعرفون ذلك لكنهم كثيرًا ما يعجزون عن تحقيقه، خطورة عناد الزوج أو الزوجة أنه قد يبدأ بمشكلة صغيرة تتطور مع العلاج السلبي لها إلى مشكلات قد تنتهي بالطلاق، إذ تشير الأبحاث الاجتماعية إلى أن العناد بين الزوجين أحد الأسباب الرئيسية لتفاقم المشكلات بينهما، وأنه يلقي بظلال نفسية وتربوية وانفعالية على الزوجين، وقد تمتد إلى أولادهم.
فالعناد بين الزوجين من أهم أسباب المشاكل الزوجية، فنلاحظ أحيانا أن كل طرف من الزوجين يتمسك برأيه ولا يتنازل عنه.و على الزوجين التنازل وضرورة الإنصات لبعضهما والمشاركة والاحترام والاقتناع والإيمان بضرورة المشاركة وتحديد هدف التنازل ، وعلى الزوج أن يحاول علاج الأمور بشكل يليق بكلا من الطرفين ولابد من احترام عمر العلاقة التي تجمعه بزوجته.كما ينبغي على الزوجة بعدم العناد مع الزوج وطاعة أوامره خاصة وأنه يطلب أمورا لمصلحة الزوجة وتفيديها وليس فيها ما يضرها.
- إن العناد عاطفة قوية ومركّزة وليس منطقاً كما يعتقد البعض، وبما أن المرأة عاطفية أكثر من الرجال، فإن عنادها يكون أقوى تركيزاً منه، بهدف إقناع الرجل بشخصيتها، وإيقاعه في حبائل الحيرة أحياناً؛ ليضطر إلى تغيير موقفه منها.
- ويُعد العناد بين الزوجين من أحدهما أو كلاهما أحد الأسباب الرئيسية لتفاقم المشكلات بينهما، ولا يخفى على أحد ما يترتب على العناد السلبي من آثار نفسية وتربوية وانفعالية على الزوجين وأولادهما والعناد السلبي بين الزوجين يأخذ أشكالاً مختلفة، فهناك عناد مفتقد للوعي والإدراك والنضج، مثل إصرار الزوجة على شراء أشياء كمالية لا داعي لها، وظروف زوجها المالية لا تسمح؛ مما يورِّط الزوج في مشكلات عديدة، ويُحدث بينهما فجوة وشقاقاً وهناك عناد مردّه الغيرة لا يقوم على أي أسباب أو دوافع منطقية؛ إنما هو تصريف لمشاعر الغيرة عند المرأة أو عند الرجل، خاصة ذلك الذي يرصد تقدم زوجته علمياً أو مهنياً أو مالياً مع بقائه هو على نفس حاله ودرجته. فصفة العناد السلبي في الإنسان تُبيّن عدم القدرة على التوافق والتكيّف مع الظروف البيئية من حوله، وافتقاده لواحد أو أكثر من مقوِّمات الشخصية الإيجابية، كالثقة بالنفس وتحقيق الذات أو عدم استيفاء حقوق أساسية في حياته، أو عدم إشباع رغبات واحتياجات، والتي غالباً ما تكون خفيّة على من حوله.
- كما أن الزوجة عنيدة فكذلك الرجل، فالزوجة الذكية هي الزوجة التي تستطيع التعامل مع زوجها بمهارة وفن، فكل زوج له طبيعة خاصة وتركيبة مختلفة في الشخصية، لذلك تشتكي أغلبية الأزواج من صعوبة التعامل مع أزواجهما خاصة لو كانوا أزواجاً عنيدين، فتشعر الزوجة وكأن من المستحيل التعامل معه والتفاوض في أي أمور حياتية أو أمور خاصة بهم. حيث يصعب على الزوج العنيد تجاوز أي موقف أو أزمة؛ لأن الطرف العنيد يستمتع ببقاء الصراع ولا يضع لنفسه نهاية، وبهذا تجهد الزوجة فتشعر أن حياتها جحيم، فتلك الفئة من الرجال يتشبثون برأيهم حتى لو خالف رأي زوجاتهم وحتى إن كانوا على خطأ. ويظهر عناد الزوج في عدة صور كتجاهله وجهة نظر الزوجة، فلا يرغب في الإستماع إليها فهو كشخصية عنيدة لا يحب أن يرضخ لأوامر أحد أو آراءه ويرفض دائماً الحقائق حتى يظهر ذاته؛ فمثل هذا النوع من الأزواج لديه مشكلة في طريقة التفكير؛ لذلك يصعب على الزوجة التعامل مع هذا الزوج العنيد، فيتطلب منها قدر كافٍ من التكنيكية؛ ليكون سلاح الزوجة مع الزوج العنيد ذكاءها، والتي يجب أن تتصف به كل زوجة حتى تستطيع أن تتعايش مع الزوج، فتكسب قلبه وعقله معاً، وبالتالي على الزوجة أن تحتوي زوجها وتزرع بقلبه الأمان وتناقشه في سلوكياتها، فتكون أشبه بالرسائل المفعمة لتصحيح سلوكياته.
أسباب العناد بين الزوجين:
- قد تصل جذور العناد عند الزوج إلى مراحل حياته الأولى نتيجة تربية خاطئة، فالطفل قد يتشبث برأيه فيبتسم الوالدان وينفذان ما يريد، ثم يتطور الأمر إلى أن يصبح شاب ليتحول بعد ذلك إلى سلوك يومي يرافقه في زواجه ويمثل نوعا من التمرد.- قد يكون عناد الزوج تقليدا للأب، فالرجل الذي ينشأ ويتربى في بيت يتحكم فيه الأب ويسيطر عليه يحاول أن يقلد نفس سلوك الأب.
– قد يأتي العناد من الزوج لعدم التكيف مع الزوجة والشعور باختلاف الطباع فيكون العناد صورة من صور التعبير عن رفض سلوك الزوجة، وعدم الانسجام فى الحياة الزوجية.
– تسلط واستبداد الزوجة برأيها واستهتارها الدائم برأي الزوج، والاستهزاء به قد يدفعه إلى طريق العناد. - كما قد يلجأ الزوج أو الزوجة الى العناد والتمسك بالرأي رغبة في فرض السيطرة من البداية، ليسلم الطرف الآخر الراية البيضاء، ويبقى الحال كما هو عليه للطرف الأقوى المسيطر في كل مرة خلاف، يأمر ويُطاع، يعند ويتمسك برأيه ويتحقق ما يريد، وهكذا
فن التعامل مع عناد الزوجين :
يمكن التغلب على مشكلة العناد بين الزوجين بالتزام كل طرف بالإنصات للآخر، والتخلي عن التمسك بالرأي والتفكير بعمق في عواقب العناد الوخيمة، كما يجب أن يتعامل طرفي الحياة الزوجية على أساس أنهما في مركب واحد، ويجب أن تكون الموقف أو الهدف لصالح حياتهما معا، وصالح الأسرة ككل.
إليك بعض النصائح لعلاج العِناد بين الزوجين:
- التنفس العميق للسيطرة على الغضب في حالة مواجهة عناد الطرف الآخر.
- عرض الرأي والتعبير عن النفس والاحتياجات بوضوح أمام الطرف الآخر.
- طلب احترام المشاعر والطلبات المادية والعاطفية، وتوضيح العواقب النفسية للعناد التي تصيب الطرف غير العنيد.
- النقاش الهادئ بين شريكي الحياة هو أهم وسيلة لعلاج العناد بين الزوجين. الهدف هو محاولة الوصول لحل وسط بين الرأيين بواسطة عرض جميع الأفكار ووجهتي النظر؛ يسمح هذا بانتهاء المشكلة بتنازل أحدهما -عن رضا- عن رأيه أو الوصول لفكرة وسط بين الفكرتين.
- إذا وصل الأمر للنزاع الشديد فلا بد من أخذ استراحة من المواجهات والخلافات الشديدة؛ إذ يجب على أحد الطرفين الابتعاد قليلًا للوصول للهدوء ولالتقاط الأنفاس وإعادة ترتيب الأفكار.
ومن المؤكد أن التعبير عن الحب والمودة للطرف الآخر يقلل من حدة الخلافات والعناد بين الزوجين.
للـــــزوج دور…
يتم علاج عناد الزوجة أولاً بتجنب الأسباب المؤدية للعناد، وإذا كان العناد طبعا فيها فليصبر الزوج ويحاول قدر المستطاع تجنب مواطن النزاع حتى تتخلص من هذه الصفة.ولتقليص العناد وتذويبه لدى الزوجة ينصح أساتذة الطب النفسي الزوج بالآتي:
– أن يمنح الزوجة مزيدا من الحب والاهتمام والتقدير والاحترام .
– أن يتصرف بذكاء وهدوء عند عناد الزوجة ويحاول امتصاص غضبها وتأجيل موضوع النقاش إلى وقت مناسب يسهل فيه إقناعها إذا كانت مخطئة .
– التعود على أسلوب الحوار واحترام الرأي الآخر ونسيان المواقف السلبية السابقة والتعامل بروح التسامح ، والتنازلات مطلوبة بين الزوجين حتى تسير الحياة في أمان واستقرار .
– أحيانا يكون العناد رغبة من الزوجة في السيطرة مما يتعارض مع رغبة الزوج ، وفي هذه الحالة عليه توضيح الأمور لها قبل أن تستحيل الحياة بينهما ويتحول منزل الزوجية إلى حلبة صراع .