- نثمن دور الجزائر الداعم لاستقرار ليبيا
- يتطلب من الأخوة الفرقاء في الداخل التحلي بالكثير من الحكمة
- مؤتمر باريس الأخير لحلحة القضية الليبية مبادرة جيدة
تحظى الانتخابات الرئاسية في ليبيا بإجماع العديد من الدول، التي اعتبرتها خطوة إيجابية نحو بناء دولة مؤسسات وتحقيق الاستقرار على جميع الأصعدة، وطي صفحة الحرب الطاحنة التي عانت منها ليبيا لعدة سنوات.
وبهذا الصدد دعت الجزائر خلال مؤتمر باريس إلى ضرورة احترام هذا الموعد الليبي- الليبي بامتياز، والذي يُنتظر منه أن يكرس إرادة وسيادة هذا الشعب في اختيار قادته وممثليه وتحديد مستقبل بلاده دون أية ضغوطات أو إملاءات خارجية. وحول آفاق نجاح هذا الاستحقاق الانتخابي المزمع إجرائه في الـ24 من شهر ديسمبر المقبل، والتحديات التي تواجهه، والمتمثلة أساسا في الوضع الأمني الهش في البلاد.
حاورت يومية “القائد نيوز”، الأكاديمي والناطق السابق باسم المجلس الرئاسي في ليبيا، الدكتور أشرف الثلثي، الذي أبدى أمله في تحقيق نتائج إيجابية في الاستحقاق الرئاسي المقبل، مؤكدا أن دور الجزائر كان ومازال محوريا ومؤثرا في تحقيق استقرار ليبيا وجمع الأخوة الفرقاء.
حاوره: محمد علي ع
الشعب الليبي على موعد انتخابي هام، هل أصبح أمر الوصول إلى اتفاق ينهي الخلاف بين كل الأطراف المتنازعة مسألة وقت أم أنه مازال بعيد المنال؟
نحن نأمل أن تكون انعكاسات هذا الاستحقاق الانتخابي الذي يأتي بعد حرب أهلية استمرت لسنوات طويلة، إيجابية وأن تقبل كل الأطراف بنتائج الصندوق، وهذا الشيء يتطلب من الأخوة الفرقاء في الداخل التحلي بالكثير من الحكمة، كما نراهن على المساعي الإقليمية الرامية إلى مرافقة الانتقال السلمي في ليبيا، وأخص بالذكر دول الجوار، الجزائر وتونس اللتين لعبتا دورا بارزا منذ بداية الأزمة.
وبالمقابل أرى أن تصدر بعض الشخصيات المثيرة للجدل في الشارع الليبي المشهد السياسي في الآونة الأخيرة، عوامل غير مطمئنة قد تسهم في إرجاع البلاد للمربع الأول وهو العنف والعنف المضاد.
دعا المشاركون في مؤتمر باريس الدولي الأخير إلى فرض عقوبات على من يعرقلون المسار الانتخابي في ليبيا سواء في الداخل أو الخارج، كيف تقيم نتائج هذا اللقاء؟
أعتقد أن مؤتمر باريس الأخير الذي يندرج ضمن الجهود الدولية لحلحة القضية الليبية مبادرة جيدة، لكن فيما يتعلق بالمطالبة بإنزال عقوبات على المعرقلين للانتخابات، لا أرى أن الأمر سينجح، إلا في حالة قيام الأمم المتحدة عن طريق مجلس الأمن باستصدار قرار يشرعن هذا الإجراء، وتنفيذه مرهون أيضا بتوفر إرادة دولية، إذ نأمل أن توفق الأمم المتحدة عن طريق مجلس الأمن في إصدار قرار يلاحق كل من يسهم في عرقلة الانتخابات الرئاسية المقبلة في ليبيا.
يوجد تشكيك داخل ليبيا وخارجها في إمكانية التوصل إلى حل قريب للأزمة، بسبب انتشار السلاح ونشاط الميليشيات و”المرتزقة”، إذ تشكل هذه العوامل تهديدا خطيرا ليس فقط على ليبيا وإنما على المنطقة ككل، لاسيما دول الجوار، ما رأيك؟
في حالة نجاح الانتخابات، أعتقد أن إشكالية المليشيات التي تشكلت نتيجة الفراغ الذي مرت به البلاد وفوضى انتشار السلاح، ستحل وتنتهي، وبالتالي إعادة إدماج وتأهيل الشباب الذين التحقوا بهذه المجموعات المسلحة في المجتمع من جديد.
أما فيما يخص موضوع المرتزقة الذين تسللوا ودخلوا بطرق غير شرعية إلى ليبيا، هناك قرارات أممية صدرت في هذا الشأن، بهدف إجلائهم.
هل يمكن اعتبار هذا الاستحقاق الانتخابي بداية لمرحلة جديدة تقود ليبيا نحو مرفأ مستقر وآمن؟
أعتقد أن إعادة تفعيل المَلكية الدستورية خيار آخر يمكن أن يضمن حلا توافقيا للأزمة يرضي أغلب الأطراف، ومن ثمة تشكيل حكومة كفاءات مع الأخذ بعين الاعتبار البعد المناطقي في ليبيا، باعتبار أن استمرار تلك العوامل غير المطمئنة التي تحيط بالمشهد السياسي الليبي، قد ينعكس سلبا على نتائج الصندوق التي من الصعب أن تلقى رضا جميع الأطراف.
تسعى الجزائر بالتنسيق مع عدة دول عربية وأجنبية إلى إنهاء الأزمة في ليبيا، علاوة على مرافقتها لإنجاح مسارها الانتقالي.
ما رأيك في المساعي والمبادرات الجزائرية الرامية لدعم الاستقرار في ليبيا وكذا تعزيز سبل التعاون بين البلدين؟
بدون أدنى شك الدور الذي تلعبه الشقيقة الجزائر هام ومحوري يهدف إلى إيجاد حل توافقي للأزمة، وكذا رأب الصدع بين الفرقاء الليبيين، كما كان موقف الجزائر متميزا منذ اندلاع ثورة 17 فبراير 2011، بعدم الاصطفاف مع أي طرف من أطراف النزاع، كما حاولت ومازالت تسعى لتحقيق الاستقرار في ليبيا.
أما بخصوص التعاون الاقتصادي، أرى أن هناك آفاق واعدة في هذا الجانب بين البلدين الشقيقين، وأخص بالذكر قطاع الطاقة من خلال تعزيز الشراكة بين شركة سوناطراك والمؤسسة الليبية للنفط “أن أو سي”، كما نأمل أن تتطور العلاقات الاقتصادية لتتبلور في شكل مبادرات للتوأمة ومنتديات ولقاءات لتبادل الخبرات في شتى المجالات.
وسيكون هناك منتدى في مطلع السنة المقبلة في منتصف يناير في طرابلس ونأمل أن تساهم الجزائر فيه، من خلال مشاركة مجموعة من المؤسسات من القطاعين العام والخاص.